جلست أتصفح صفحات
الماضي...فقلبت الصفحة الأولى ثم الصفحة التي تليها فالتي تليها فالتي
تليها....فوجدتها
انقضت تلك الصفحات البيضاء
بسرعة ولم لجد نفسي إلا وأنا أمام صفحات عكر الهجر بياضها واختفى كل الملامح
الجميلة التي سكنتها،فجف ماء التضحية الجاري فيها واختنق هواء الحب في أنفاسها
وتوقفت نبضات الوفاء في روحها،أما أزهارها فقد ذهبي ورحلت الى حيث
اللاعوده،أزهارها أنهت كل شئ بعد أن أزالت من عليها القناع الزهري
بدأت اقلب تلك الصفحات القاسية
المعكرة..الصفحة تلو الصفحة تلو.... وأنا بانتظار انتهائها،منذ سنين وأنا بانتظار
عودة صفحات الماضي البيضاء،بانتظار المستحيل لأنها ذهبت ولن تعود ابدآ،أماتتها
قسوة أزهارها ونفتها إلى الأمد البعيد الذي لاعودة منه
طالما اشتقت لها ولسراب
أيامها،ولكن كيف لها أن تعود بعد أن بتر الوفاء من قلبها وحول الهجر نهر التضحية
فيها إلى سيل من الحبر المعكر
الماضي مثل البحر يكون في فترة
من الأوقات في قمة رقته،نشعر وكأنه يأخذنا بأحضانه الدافئة وينتزع الألم من قلوبنا
بصدره الواسع ويروي أرواحنا بنقاء مياهه الصافية،ثم فجأة ومن دون سابق إنذار تعلو
أمواجه وتهيج فترطمنا بأقسى الصخور وتجرف بنا الى أعماق الحزن وتملاء قلوبنا
بذعر الظلام وتحطم سفينة حياتنا التي قد توصلنا الى ساحل الأمان وتأخذ بين حناياها
كل ما هو غالي
ولكننا بالرغم من ذلك لم نستطع
ترك حب البحر وشوقنا إليه،ما إن نهدأ حتى نعود الى الاشتياق لأحضانه وصدره الكبير
ومياهه الصافية،نشتاق إليه بكل الشوق الذي في الدنيا وما إن نراه حتى نتذكر كل شئ
غالي أخذه من وكل القسوة التي غمرنا بها فنبقى نعاني من هذه المعادلة الصعبة قلا
نحن نستطيع نسيانه وترك حبه ولا نحن نستطيع نزع وجعه من قلوبنا
الماضي الجميل الذي أمات قلوبنا
كالبحر الجميل الذي اخذ منا كل غالي،فلو أتى يوم واستطاع البشر تجاهل البحر لتمكنا
في حينها من تجاهل الماضي ونسيانه وحينها فقط ستحل المعادلة الصعبة التي هي في
الحقيقة المعادلة المستحيل حلها
شيئان لا يمكن تغيرهما ابدآ...الماضي
والحب الحقيقي فكيف لو كان ذلك الحب الحقيقي قد نسج على صفحات ذلك الماضي وحفر على
سطوح جزيئاته!!
كيف للقلوب الوفية أن ترمى بقلب
النيران وكي بالطيبة أن تجازى بالنسيان،أين هو العدل في هذا الزمان؟!... ولكنها
محكمة القدر التي قاضيها إنسان ككل البشر...الحكم فيها للبرئ من دون دليل ادانه
ومحاميها خاسر دائما لدفاعه عن برئ أمام قلوب جبانة...الحكم لكل برئ فيها واحد ليس
له وجهان،إعدام القلب وسجن المشاعر خلف القضبان
كنت مخطئه عندما جعلت قلبي من
زجاج لأني لم انتبه إلا إلى نقاء الزجاج وشفافيته ولم أرى الحجارة التي في أيدي
البشر ونسيت حقيقة انه عندما يكسر فلا يمكن مداواة جرحه من جديد
ولكن مهما قست القلوب وأزال الضباب صفاء
الأيام لابد من وجود تلك القلوب النقية حتى لو كانت نادرة فالليل بالرغم من سواده
وظلامه إلا أن نجومه اللامعة وقمره المضئ يضفون له
سحر نعشقه ويجدد فينا الأمل
بسكونه فلولا هذه القلوب النادرة لما تمكنا من العيش في دنيا سوداء،ولولا ندرة
اللؤلؤ لما خضنا أعماق البحار للبحث عنه